استجمعت شجاعتي وكل جرأتي وقررت أن أكسر ذلك الصمت الرهيب بيني وبين من تجرأت على استثارة فضولي بإفتإزازها ولغة العيون الغامضة وقررت أن أكون البادئ في فهم أغوار أعماقها ....
قدمت خطوة وأخرت أخرى و كان التردد هو السمة الغالبة في إتخاذ القرار ، تمنيت لو اهدتني لحضة جميلة تكون فاتحة لحوار بيننا .
احترت في كيفية مخاطبتها وكيف لها ان تكتفي بلغة العيون ، كل ذلك زادني حيرة وفضول لان الحقيقة انني احسست لوهلة ان هذا الجمال الاخاذ وجاذبية هندامها ونظراتها المبهمة هي من جعلت مني اقرر أن اكون البادئ .
في خضم كل تلك التساؤلات والحيرة كسرت مجهولتي ذلك الصمت الرهيب الذي خلا من كل شيئ إلا من لغة العيون والتخاطب الذهني وتقدمت خطوة متسارعة حتى ظننت انها سوف توبخني أو تعاتبني عن ملاحقتها بنظراتي ، ووسط دهشة أصدقائي ونبضات قلبي التي زادت سرعة غير عادية حتى انني تمنيت لو يقف الباص و أهرب من ذلك الموقف المحرج مبدئيا ، تاه تفكيري وحاد عن مساره وماهي إلا خطوة حتى بادرتني بالسؤال وقد تصنعت ابتسامة باهتة ...
احمد مابك على غير عادتك متردد في اتخاذ قراراتك ؟
طبعا ... انت .انت لم يتغيرفيك شيئ .
في تلك اللحضة لم يكن امامي الا ان استسلم لهذا الموقف المحرج والمفاجئ ووجدت نفسي تائها أبحث لها عن مخرج مشرف فلممت مابقي من شجاعة وقلت لها :
اعتقد انني فقدت الذاكرة هذا اليوم لانك جعلتي بداخلي شخص آخر غير الذي تكلمينه
واسترسلت في الكلام موجها سهام نظراتي الى اصدقائي علني استطيع ان ألملم قليلا من ذاكرتي التي فقدتها فجأة .
كانت الجميلة تتابع كلامي وقد احست بحيرتي وانني لم أتذكرها فقالت:
الا تذكرني أحمد؟ الا تذكر جيرانك وشقاوة الطفولة المنسية ؟
أعدت رسم مجرى حياتي وسنين الطفولة وتذكرت ابنة الجيران الجميلة التي كانت دائما ما تتباهى بشعرها الطويل وجمالها الطفولي البرئ وشعرت ان عاصفة الشكوك قد هدأت فقلت لها :
أميرة ... كيف حالك ؟ أين انت ؟ والله زمان ...
كانت أميرة فتاة جميلة مقبلة على الحياة كأترابها من الفتيات كانت كالزهرة المتفتحة تعشق المرح واللعب وكنت دائما ما اصحبها الى المدرسة لاننا كنا ندرس في صف واحد ونسكن في نفس الحي في بيت يقابل منزلها لا يفصلنا سوى الطريق المؤدي الى موقف الحافلات .
../... يتبع ...كمال